تاب (النظام العصري للوثائق والأرشيف: كيفية إعداده وتطبيقه)
كتاب (النظام العصري للوثائق والأرشيف: كيفية إعداده وتطبيقه)
الكتاب: النظام العصري للوثائق والأرشيف: كيفية إعداده وتطبيقه
الناشر: الأرشيف الوطني، أبوظبي، 2017، الطبعة الأولى، 258صفحة من القطع الكبير
إعداد: د. المنصف الفخفاخ
يسلط هذا الكتاب – الصادر حديثاً عن الأرشيف الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة- الضوء على النظام العصري للأرشيف الذي يتطلبه عصر المعلومات والمعرفة، والبيئة الإلكترونية والمبادئ والأسس التي يرتكز عليها، وطرق إدارة الأرشيف في المراحل التي يمر بها: أي الوثائق الجارية، والأرشيف الوسيط، والأرشيف التاريخي، ويورد نماذج من الأدوات والاستمارات لإدارة الأرشيف، وهو يتطلع إلى التعريف بالمبادئ الأولية لهذا الاختصاص وتعميم الفائدة بين كافة الجهات المعنية بمجال الأرشيف.
ينبثق اهتمام الأرشيف الوطني الإماراتي بمضامين هذا الكتاب من تضخم حجم الوثائق التي تنشئها الجهات العامة، وتنوعها وتزايد سرعة تدفقها، وسرعة زوال الحاجة إليها؛ فقد أصبح من الضروري التحكم في هذا الكم الهائل من الوثائق والمعلومات؛ وذلك لفائدة الجهات التي تصدر عنها في المرحلة الأولى، ثم لفائدة المجتمع والأجيال القادمة في مرحلة ثانية، وينطبق هذا الأمر على الوثائق التقليدية: الورقية، والسمعية والبصرية، وعلى الوثائق الإلكترونية أيضاً، وقد نتج من زخم إنشاء الوثائق عدة صعوبات وإشكاليات، لعل أخطرها هو التمكّن من الوصول إلى الوثيقة المطلوبة في الوقت المحدد، ثم تقييم أهمية الوثيقة للبحوث والدراسات بعد نفاد حاجة مُنشِئِها إليها، وتحديد مصيرها النهائي، وقد أدرك الأرشيف الوطني أنه في عصر المعلومات والمعرفة أصبحت الحاجة مُلحةً إلى التحكم في الوثائق وإدارتها، وفق سياسات وبرامج عمل مدققة.
شهد المحيط الذي يعمل فيه الوثائقي تطوراً لافتاً من حيث استعمال التكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصال والوسائط الناتجة منها. وأمام النمو المتواصل لحجم المعلومات، وتعقُد تركيب الهياكل المنشِئة لها، وتنوع سبل الاستفادة منها- بات من الضروري لكل المتعاملين مع الوثائق اعتماد نظام أرشيف يستجيب لمتطلبات العصر. ويبنى على أسس وقواعد علمية، وقد أدت الممارسة الأرشيفية إلى ظهور عدة طرق وأنظمة عمل تأثرت بالمحيط السياسي والإداري الذي نشأت فيه، وبوظيفة الأرشيف في المجتمع والمفاهيم المتعلقة به، إلا أن العصر الحالي يفرض عدة حاجات ورغبات في مجال الوثائق والمعلومات أوجبت على الأرشيفي إيجاد الحلول المناسبة لها، وتطوير طرق عمله لتلبيتها.
ولما كانت مهنة الأرشيف في جلّ الأقطار العربية تعاني من ضعف تطورها بسبب المفهوم السائد للأرشيف في الدول العربية وهو المفهوم التقليدي الذي يركز في عدم نفع الأرشيف للمجتمع؛ لأنه يمثل جملة الوثائق التي استخدمت في الجهات الرسمية أو الخاصة للقيام بالأعمال المرتبطة بها، ويُعتقد أنها أصبحت بذلك فاقدة الأهمية، على حين يبني المفهوم الحديث للأرشيف على الربط بين الفترة التي تنشأ فيها الوثائق في الهياكل الرسمية أو الخاصة ولدى الأفراد لأداء وظيفة معينة من ناحية، والفترة التي تليها، بحيث تمر الوثيقة بمسار عمري مندمج ومن المفروض أن يُعتنى بها وتُدار عبر كل المراحل التي تمرّ بها، وينطبق مصطلح الأرشيف على كل هذه المراحل.
يأتي كتاب (النظام العصري للوثائق والأرشيف: كيفية إعداده وتطبيقه) ليملأ فراغاً في المكتبة المهنية العربية، وتلبية لحاجات الإدارات العربية لعله يحدث تطويراً في مهنة الأرشيف، وفي ظل البيئة الإلكترونية، واستجابة للضرورة التي تفرضها العولمة، وانتشار التقنيات الحديثة للمعلومات والاتصال، والمواصفات الدولية في هذا المجال.
يتألف الكتاب من ستة فصول: أسس نظام الأرشيف، إعداد نظام الأرشيف وتنفيذه، إدارة الوثائق الجارية والأرشيف الوسيط، إدارة الوثائق الإلكترونية وأرشفتها، إدارة الأرشيف النهائي، صيانة الوثائق.
ويتبع هذه الفصول 27 ملحقاً، وعدد من المصطلحات الأرشيفية، والهوامش، والخاتمة.
يركز الفصل الأول من الكتاب في أسس نظام الأرشيف، ويستعرض مفاهيم الأرشيف والحاجة إلى نظام عصري له، والمفهوم التقليدي والمفهوم الحديث لإدارة الوثائق، ويشير إلى أن الأرشيف صار يُعرِّف بأنه: مجموع الوثائق التي أنشأها أو حصل عليها كل شخص طبيعي أو معنوي، وكل مرفق عام أو هيئة عامة، أو خاصة أثناء ممارسة نشاطه مهما كان تاريخ هذه الوثائق وشكلها ووعائها.
ويعدّد الفصل الأول الأسس النظرية للأرشيف، وهي: مبدأ التزام النشأة وأرصدة الأرشيف، نظرية الأعمار الثلاثة للوثائق، ومفهوم القيمة الأولية، والقيمة الثانوية للوثائق، وقد تطورت هذه المبادئ تدريجياً منذ خمسينيات القرن الماضي، وما زالت في تأثر وجدل أمام ما تشهده الساحة من تغيرات بحكم حلول البيئة الإلكترونية ومجتمع المعلومة والمعرفة.
واهتمّ الفصل الثاني بإعداد نظام الأرشيف، وقد تغيّر مدلول نظام الأرشيف بموجب انتشار المفهوم الحديث له، واعتماد إدارة الوثائق الجارية والوسيطة.
ويُعدّد الكتاب أنواع الوثائق وخصائصها؛ فالوثائق تختلف حسب أوعيتها ووظائفها كالتالي: وثائق مشتركة بين سائر المؤسسات، والوثائق الخاصة بكل جهة، والوثائق الأساسية والسرية، ويستعرض هذا الفصل التنظيم العام لمؤسسة حكومية، ويتناول أيضاً التصنيف وأهدافه وأنواعه، وصيغة جداول الحفظ، وإحداث هياكل تُعنى بالوثائق الجارية والوسيطة.
ودار الفصل الثالث حول إدارة الوثائق الجارية والأرشيف الوسيط الذي يُعرَفُ بأنه جملة الوثائق التي انتهى استعمالها بصفة جارية في مكاتب العمل للأغراض التي أُنشئت من أجلها، ويمكن إتلاف بعض الوثائق بعد الانتهاء من مدتها الجارية.
ويحدد الكتاب في هذا الفصل أهداف إدارة الأرشيف الوسيط، وما تحققه من مكاسب في الموارد البشرية والمالية، وغيرها.
وسلّط الفصل الرابع الضوء على إدارة الوثائق الإلكترونية وأرشفتها، ويوضح هذا الفصل عناصر إدارة الوثائق الإلكترونية، وهو يحتوي على جدول مقارنة بين نظام الإدارة الإلكترونية للوثائق ونظام الأرشفة الإلكترونية.
ويتناول الفصل الرابع أيضاً إدارة الأرشيف النهائي، وهو أرشيف الوثائق المهمة التي تم انتقاؤها للحفظ الدائم بعد أن انتهت حاجة الجهة التي أنشأتها إليها، أو حصلت عليها في إطار ممارسة نشاطها، وهي تعدّ جزءاً صغيراً من جملة الوثائق التي تم إنشاؤها، ويُمثل الأرشيف النهائي الجانب المعروف أكثر من المجتمع في مهنة الأرشيف، واقترن أساساً بالوثائق الورقية، إلا أنه يتضمن حالياً عدة أنواع أخرى من الوثائق؛ كالوثائق السمعية والبصرية، والصور والخرائط، والوسائط الإلكترونية.
ويوضح الفصل الخامس أن الأرشيف الخاص يتم جمعه في كل من المؤسسات العامة، والجهات الخاصة، والأرشيف الأجنبي الذي يهمّ البلد، ثم يوضح كيف يتم تحويل الأرشيف النهائي، ووضع الوصف الأرشيفي حسب مواصفة المجلس الدولي للأرشيف، والتكشيف في مجال الأرشيف؛ منوهاً إلى أن تقنية التكشيف تستعمل كرافد للوصف الأرشيفي لتيسير الوصول إلى الوثائق.
ويُعنى الفصل السادس من كتاب (النظام العصري للوثائق والأرشيف: كيفية إعداده وتطبيقه) بصيانة الأرشيف، وتستهدف الصيانة إطالة عمر الوثائق، وتجنُبِ تعرضها للضرر، ويستعرض هذا الفصل أوعية الوثائق من: الورق، والرقّ، والمواد المرتبطة ببعض أوعية الوثائق، ثم الوثائق السمعية والبصرية، والوثائق الإلكترونية.
ويعدد عوامل التلف، مثل: الحرارة والرطوبة، الضوء، تلوث الجو، والعوامل البيولوجية كالحشرات والجراثيم والميكروبات.
ويتعرض الفصل السادس إلى ترميم الوثائق، وإلى ما تسببه الكوارث بأنواعها من أضرار كبيرة للأرشيفات ومقتنياتها.
وفي الختام يحثّ كتاب (النظام العصري للوثائق والأرشيف: كيفية إعداده وتطبيقه) على مواكبة التطور الكبير الذي شهده مجال الأرشيف، والذي يقضي بإدارة الوثائق منذ نشأتها، وعبر المراحل التي تمرّ بها، والتحول السريع الذي يُفضي إلى المجتمع الرقمي؛ إذ أصبح إنتاج البشرية للمعلومات والمعرفة والعلوم إلى حد بعيد في شكل رقمي غير مادي، ذلك فضلاً عن وفرة المعلومات وسهولة الوصول إليها نسبياً، وبالإضافة إلى ذلك كله فإن مصير الذاكرة البشرية تحيط بها بعض الأخطار لأن الوثائق الإلكترونية ما زالت تعاني صعوبة حفظها للأمد الطويل.