الأرشيف والمكتبة الوطنية يثري موسمه الثقافي 2023 بندوة في المواطنة الإيجابية العالمية
مؤكداً أن المواطنة الإيجابية تبدأ من الفرد وعلاقته بمجتمعه وبالإنسانية
الأرشيف والمكتبة الوطنية يثري موسمه الثقافي 2023 بندوة في "المواطنة الإيجابية العالمية"
ضمن برنامج موسمه الثقافي 2023 نظم الأرشيف والمكتبة الوطنية ندوة بعنوان: "المواطنة الإيجابية العالمية" والتي تهدف إلى تعزيز القيم والمبادئ الإنسانية والوطنية التي من شأنها الارتقاء بالفرد من مواطن إيجابي في وطنه إلى مواطن إيجابي عالمي، وذلك ما يفرضه الواقع الراهن، وقد غدا العالم قرية كونية صغيرة في ظل الفضاء المفتوح، وركزت الندوة في دور المواطنة الإيجابية العالمية في تعزيز التنمية المستدامة في مجتمع الإمارات خاصة وفي العالم بشكل عام.
أدارت الندوة الأستاذة فاطمة سلطان المزروعي رئيس قسم الأرشيفات التاريخية في الأرشيف والمكتبة الوطنية، وشارك فيها كل من: سعادة ياسر القرقاوي مدير عام صندوق الوطن، وسعادة المستشار راشد ابراهيم النعيمي من وزارة التسامح والتعايش، والعميد محمد النبهاني من الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ، والدكتور شافع النيادي -مدرب التنمية البشرية والعلاقات الأسرية، والدكتورة مريم ناصر الزيدي من جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، وفي ختام الندوة قام السيد فرحان المرزوقي مدير إدارة التواصل المؤسسي والمجتمعي في الأرشيف والمكتبة الوطنية بتكريم المشاركين.
بدأت الندوة بورقة لسعادة ياسر القرقاوي مدير عام صندوق الوطن، استعرض فيها مفهوم المواطنة الإيجابية العالمية، فعرّف المواطنة العالمية بأنها مشاركة ووعي وإدراك الأفراد لواجبات والتزامات معينة تحقق الاندماج والتشارك وفق القوانين والمعايير والقيم التي تُعلي من شأن الفرد وتنهض به، والمحافظة على مصالح البيئة العالمية، ومحققاً أهداف المسؤولية العامة، من خلال الأُطر والالتزام بقضايا ومشكلات العالم.
وأكد أن المواطنة الإيجابية هي التفاعل الإيجابي مع الآخر، وأن كل فرد يجب أن يكون جاهزاً للتعايش العالمي، ولا سيما في عصرنا الحالي الذي تنتشر فيه منصات التواصل الاجتماعي التي تجعل الفرد متلقياً ومؤثراً، وهذا ما يجعله مضطراً للتفاعل مع العالم الخارجي، وهذا ما يقتضي منا أن نغرس في نفوس الجيل أهمية الإحساس بالمسؤولية.
واستشهد القرقاوي بقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله: " إنّ دولة الإمارات، ومن خلال سياستها ونموذجها في المنطقة، ترسل رسائل إيجابية حول ضرورة التسامح والتعايش والعمل التنموي المشترك، للتصدي للعديد من التحديات التي تواجهنا مجتمعين في إطار الأسرة الدولية".
وبقول المؤسس والباني الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: " إن التعاون بين البشر على الرغم من اختلاف الأديان والعقائد هو أساس السعادة، والتعاون يجمع بين القريب والبعيد".
واختتم ورقته باستعراض دور صندوق الوطن وجهوده من أجل تحقيق المواطنة الإيجابية العالمية.
بعد ذلك قدم سعادة المستشار راشد ابراهيم النعيمي من وزارة التسامح والتعايش ورقته التي سلط الضوء فيها على استدامة القيم الإنسانية والمواطنة الإيجابية العالمية، فبدأها بقول المغفور له -بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان: " إن نهج الإسلام هو التعامل مع كل شخص كإنسان بغضّ النظر عن عقيدته أو عرقه"، ثم استعرض مفهوم القيم، ومنظومة قيم المجتمع الإماراتي، ومفهوم المواطنة، والطريق إلى المواطنة العالمية، والمواطنة الإيجابية العالمية وقيم التسامح والتعايش، وجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز المواطنة العالمية الإيجابية؛ مشيراً إلى أن المواطن خارج وطنه يمثل وطنه، وأن أبناء المجتمع في ظل الانفتاح الثقافي بحاجة إلى تعزيز التلاحم للوصول إلى المواطنة الإيجابية العالمية.
واستعرض المراحل التي مر بها المجتمع من الأسرة إلى القبيلة إلى الدولة الحديثة فالمواطنة العالمية، وأكد أن دولة الإمارات تعمل على تعزيز المواطنة العالمية ولكن في ظل التوازن مع القيم الإماراتية الأصيلة.
وتطرق المستشار النعيمي إلى المبدأ الثامن بين "مبادئ الخمسين"، والذي يؤكد على أن منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح، وسلط الضوء على الاقتصاد الإنساني وعلى رؤية "نحن الإمارات 2031"، وعلى مئوية الإمارات 2071، الرؤية الشاملة وطويلة الأمد، واستعرض مبادرات وزارة التسامح والتعايش في تعزيز المواطنة العالمية الإيجابية.
وقدم العميد محمد النبهاني من الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ، مُداخلة حول أثر المواطنة الإيجابية العالمية على التنمية المستدامة؛ فركز في المحاور الرئيسة الثلاثة في المواطنة الإيجابية، وهي توجهات الحكومة الرشيدة، والبيت والمدرسة، والأخلاق والسلوكيات العامة، واستعرض جهود الحكومة الرشيدة في غرس أسس ومبادئ المواطنة الإيجابية؛ كالبرامج وجوائز التميز، والخطط الاستراتيجية والتشغيلية، والمشروعات التحويلية والمُسرعات الحكومية... وغيرها.
وسلط سعادته الضوء على أثر المواطنة الإيجابية العالمية في التنمية المستدامة على ضوء الأجندة العالمية2030 للأمم المتحدة، وأهدافها السبعة عشر؛ مشيراً إلى المبالغ الهائلة التي تبذلها دولة الإمارات كمساعدات إنسانية لدول العالم، واعتبر أن للوطن حقاً علينا جميعاً، وقد قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله: " إن واجب الوفاء والعرفان لوطن وفّر الحياة الكريمة والسعيدة لكل أبنائه والمقيمين على أرضه يتطلب منا جميعا أن نجعله دائما في أعماق قلوبنا".
وفي مداخلته "دور المواطنة الإيجابية في دعم الاستدامة" أكد الدكتور شافع النيادي -مدرب التنمية البشرية والعلاقات الأسرية- أن التغيير يبدأ من الفرد، ولذلك علينا أن نغرس في نفوس أبنائنا حب الوطن، وبذلك فإننا نضمن ازدهار المستقبل وهذه هي الاستدامة، وعلينا أن نشجع أبناءنا ونحفزهم على التحصيل العلمي والثقافي لأن الاستدامة والوطنية لا تتحققان إلا لدى الإنسان الواعي والمثقف.
ثم تطرق النيادي إلى علاقة المواطنة والاستدامة، مؤكداً أن هذه العلاقة تتمثل في المسؤولية الفردية، والمشاركة المجتمعية، والوعي والتثقيف، والمسؤولية البيئية، والاستخدام المستدام للموارد، والاقتصاد المستدام والعدل الاجتماعي، والتعاون الدولي لمواجهة التحديات العالمية.
وأشار إلى أن المواطنة الإيجابية بما فيها من تحقيق الاستهلاك المسؤول، والاقتصاد المستدام، والمشاركة في المبادرات المستدامة، والمشاركة المجتمعية، والوعي البيئي والاجتماعي... وغيره- كفيل بتحقيق تعزيز الاستقرار الاجتماعي، وتعزيز الحوار والتفاهم، وتعزيز التنمية الاقتصادية، والعدالة وحقوق الإنسان، وتعزيز روح المشاركة، والابتكار والتطور، وتعزيز السلم والاستقرار والاندماج الاجتماعي.
وفي مداخلتها قالت الدكتورة مريم ناصر الزيدي من جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية: كانت المواطنة الإيجابية محددة في إطار المجتمع، ولكنها اليوم تجاوزت ذلك الإطار، وفي كل الأحوال فهي تتطلب من الفرد أن يكون صالحاً ومُصلحاً في مجتمعه وفي المجتمع الإنساني عامة.
وأكدت أن العالم -وقد صار قرية كونية صغيرة تسوده وسائل التواصل الاجتماعي- يضطرنا إلى أن نفتح الأبواب ونكون متلقين للأفكار القادمة، ولذلك علينا أن نتعامل مع المواطنة العالمية بإيجابية يُستدام الخير فيها، لأنه لا يمكننا الانعزال عن الفكر الجماعي.
وقالت: إن المجتمعات التي تعيش تجارب مريرة ويعاني أبناؤها من التعصب والطائفية والتطرف لا يمكنها أن تزدهر، وأشارت إلى تجربتي اليابان وألمانيا اللتين استطاعتا أن تكونا في خريطة العالم المتقدم وأن تصيرا من أجمل الوُجهات، وهما لم تحققا ذلك إلا بتحقيق المواطنة العالمية الإيجابية.
واتخذت مثالاً على أهمية الدور العالمي للفرد والمجتمع مؤتمر كوب20 الذي يفرض على الجميع التفاعل معه، فهو يناقش هموم العالم المناخية، وهذا التغيير المناخي سيطال الجميع، ولذلك علينا أن نكون فاعلين، والتغيير دائماً يبدأ من الفرد.
كما اتخذت من جائحة كورونا مثالاً آخر، فتساءلت كيف للفرد أن ينعزل عن العالم، وما إن انتشر فيروس كوفيد19 في منطقة صغيرة حتى وصل إلى مختلف أنحاء العالم. وتطرقت الزيدي إلى المواطنة والاندماج الحضاري؛ مؤكدة أهمية المحافظة على القيم والأخلاق الأصيلة وعلى الهوية الوطنية، واستعرضت جهود دولة الإمارات في تعزيز المواطنة الإيجابية العالمية، كما أشارت إلى جهود جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في ترسيخ فكر التسامح والتعايش.
واختتمت كلمتها بأهمية المواطنة الإيجابية وقيمتها في بلورة المسؤولية، وهذا ما يقتضي من الفرد عمل الخير والإسهام في تحقيق التقدم والنماء، لأن مسيرة التنمية تبدأ من الفرد الذي عليه أداء الواجب الوطني بأمانة ومسؤولية.