الأرشيف الوطني يواصل مشاركاته في ثالث أيام قمة أقدر العالمية بثلاث جلسات
أضواء على عبقرية الشيخ زايد زعيم الإنسانية وصانع الاتحاد
الأرشيف الوطني يواصل مشاركاته في ثالث أيام قمة أقدر العالمية بثلاث جلسات
تتواصل مشاركة الأرشيف الوطني في فعاليات قمة أقدر العالمية في نسختها الثانية، والتي تقام تحت عنوان (تمكين الإنسان في استقرار المجتمعات: التنمية المستدامة) في أرض المعارض في أبوظبي، ففي اليوم الثالث شارك الأرشيف الوطني بثلاث جلسات تمحورت حول القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وجهوده الكبيرة في بناء الوطن والإنسان، وجاءت مشاركة الأرشيف الوطني لتشكل همزة وصل بين فعاليات قمة أقدر العالمية، وبين البهجة التي تعم أرجاء الدولة ابتهاجاً باليوم الوطني الـ47 وتزامناً مع عام زايد، واحتفاء الامارات بمرور مائة عام على ولادة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه- ولهذا فإن الجلسات الثلاث التي أدارها خبراء وباحثون من الأرشيف الوطني دارت حول الشيخ زايد رمز العطاء والإنسانية في الإمارات وفي العالم.
جاءت الجلسة الأولى بعنوان: (زايد زعيم الإنسانية) والتي بدأتها الدكتورة عائشة بالخير مستشار البحوث في الأرشيف الوطني بكلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي رعاه الله :"نحن لسنا أمة طارئة على التاريخ، نحن شعب عريق بنى أمجاداً في الماضي، وسيبنى مستقبلاً مجيداً أيضاً"؛ مشيرة إلى أن مدافن منطقة أم النار وغيرها، واللقى الأثرية تؤكد أن تاريخ الإمارات يعود إلى آلاف السنين، وقد جعل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد من ساروق الحديد الأثري شعاراً لمعرض أكسبو دبي 2020، وأضافت الدكتورة عائشة بالخير: إن تاريخ الأمس البعيد موصول بحاضرنا المزدهر، وهذا الحاضر الذي نفخر به يجعل لنا تطلعاتنا نحو المستقبل، وآمالنا المستقبلية جعلت قيادتنا تهتم ببناء الإنسان الذي يواكب العصر، ولا يمكننا أن نتحدث عن بناء الإنسان قبل أن نتحدث عن الشيخ زايد ودوره الريادي الكبير في بناء الإنسان والوطن، وإذ نحتفل في 2018 بعام زايد، فإننا قد بحثنا في قرن مضى لنستذكر بصمات زايد في كل مجالات الحياة، وفيما قدمه لدولة الإمارات والإنسان القاطن على أرضها الطيبة، وكان هذا العام دافعاً لنا لتوثيق بعض إنجازات زايد لوطنه وللإنسانية قاطبة، وتطلعات الإمارات وقادتها العظام للمستقبل، وقد استعرضت هذه الجلسة العوامل التي عززت في نفس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه- القيم والمآثر العربية والإسلامية النبيلة، وقد بدأت هذه العوامل بالبيئة التي نشأ فيها والمتسمة بالكرم والسلام والأخلاق الكريمة، فكان زايد القدوة والمثال أمام أبناء مجتمعه، ولذلك قال الذين عرفوه:(مَنْ خاوى زايد استوى ريّال) والرجولة في عرف المجتمع هي قمة القيم والمآثر التي يتطلع إليها الجميع، ثم عرجت الجلسة إلى الازدهار الاقتصادي والتنمية التي شهدتها الدولة، وجهود الشيخ زايد من أجل تحقيق التكافل المجتمعي، وحرصه على ترك الانطباع الإيجابي في نفوس الزوار والرحالة، وركزت الجلسة على القوة الناعمة التي اتبعها الشيخ زايد في التغيير، وبناء الإنسان والارتقاء به، والانتقال من القبيلة إلى الدولة، فقد عمل من أجل نشر العلم، وصون كرامة الإنسان، ومن أجل ذلك أسس الشيخ زايد مدناً مستقبلية، واهتم بالبنية التحتية للدولة، وصمم وطناً تتحقق فيه أهداف النهضة والمستقبل، وكان – رحمه الله- يشرف بنفسه على البناء الذي أراد أن تتحقق فيه إنسانية الفرد، وأن تتجسد فيه السعادة لأبناء شعبه.
وفي الجلسة الثانية التي جاءت بعنوان: (زايد وعبقرية تأسيس دولة الإمارات ورسم شكلها الاتحادي) بيّن خبير البحوث والمحاضر في الأرشيف الوطني عبد اللطيف الصيادي كيف استطاع الشيخ زايد بعبقريته القيادية إعادة جمع شتات الأرض الإماراتية، وتشكيل الشخصية الإماراتية الاتحادية، واستعرض تاريخ الإمارات قبل بزوغ نجم زايد، فتوقف عند الاتفاقية العامة لعام 1820، ومعاهدة السلام البحري الدائم لعام 1853، واتفاقية الحماية لعام 1892، واتفاقية الصداقة والتعاون مع بريطانيا والتي وقعها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 1971، وأشار إلى جهود القائد المؤسس -طيب الله ثراه- التي عبرت بالإمارات عبوراً آمناً رغم عظم التحديات المحلية والإقليمية والعالمية، وجمع فيها أركان الدولة ورسم ملامح شكلها الاتحادي، وقارن شخصية الزعيم المؤسس الشيخ زايد ببعض معاصريه من الزعماء موضحاً مقدرته على التعامل مع الفعل التاريخي واختياره النظام الفيدرالي إيماناً منه – رحمه الله – بوحدة الأرض والشعب.
واستعرض الصيادي دور الشيخ زايد في ترسيخ العلاقات الأخوية بين الإمارات المتصالحة، ونشأة مجلس حكام الإمارات المتصالحة عام 1952، وما قدمه الشيخ زايد في سبيل تعميم الخير ونشره على امتداد أرض الإمارات، مستهدفاً إسعاد شعبها بمختلف الأشكال والطرق، ووصل المحاضر إلى قرار بريطانيا بالانسحاب من الإمارات المتصالح عام 1968ة، وكيف أن ذلك القرار بقدر ما كان تحدياً كبيراً من جراء الفراغ الأمني الذي سيترتب عليه، إلا أنه كان حافزاً للشيخ زايد وإخوانه حكام الإمارات لمباشرة المفاوضات الأخوية لتأسيس اتحادهم العتيد؛ يقيناً منه – رحمه الله- بأن العالم لا ينظر إلى الكيانات الصغيرة؛ ولذا لم يعد الاتحاد خيارا بل ضرورة ملحةً، وفي ظل مساعيه لتأسيس الدولة وإقامة الاتحاد، فإن طريقه لم يكن معبداً بالورود وإنما كان هدفاً دونه خرط القتاد، وكان زايد هو القلب الكبير الذي احتوى الجميع، وهو الزعيم الذي أحال قضايا الحدود وأزماتها إلى معبر للاتحاد ولمّ الشمل.
وقدم الجلسة الثالثة بعنوان: ( زايد صانع الاتحاد والوطن المستدام) محمد إسماعيل عبدالله ضابط برامج تعليمية أول في الأرشيف الوطني، بدأ فيها مع التاريخ المبكر لمنطقة الإمارات، ثم ركز في مرحلة قيام الدولة، بعد أن سلط الضوء على شخصية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه- وخصاله الكريمة من سعة الصدر ونفاذ البصيرة، والحكمة، وقد عرفه أبناء شعبه مصلحاً ووسيط خير في حل النزاعات، ثم أبرز المحاضر اهتمام (حكيم العرب) بتعزيز الروابط مع إمارات الساحل المتصالح وهذا كان من البشائر الأولى لقيام الاتحاد الذي بدأه الشيخ زايد بالتعاون مع أخيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم – رحمهما الله- وواصلت الجلسة سرد مراحل قيام الاتحاد الذي توّج بقيام دولة الإمارات العربية المتحدة الذي أعلن عنه في الثاني من ديسمبر1971، المناسبة الوطنية التي يحتفي بها أبناء الإمارات في هذه الأيام، وهنأ المحاضر دولة الإمارات العربية المتحدة قيادة وشعباً، وهنأ جميع الحاضرين في اليوم الوطني الـ47 لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وتطرقت الجلسة الثالثة إلى دستور دولة الإمارات، وتوحيد القوات المسلحة تحت علم الدولة وقيادتها في السادس من مايو عام 1976م، واستعرضت أهداف قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، والعوامل التي أدت لقيام الاتحاد بين الإمارات السبع، والاعتراف الدولي بدولة الإمارات. وأشار محمد إسماعيل عبد الله إلى مساهمات الشيخ زايد على صعيد منطقة الخليج، وأدائه ومنزلته الرفيعة في العالم العربي، ثم إسهاماته على الصعيد العالمي، واتخذ المحاضر من سجل القائد المؤسس الحافل بالإنجازات براهين على دور الشيخ زايد في جميع الميادين المحلية والعربية والعالمية.
الجدير بالذكر أنه قد تم تخصيص إحدى جلسات اليوم الأول من مؤتمر قمة أقدر العالمية للدكتورة جيانتي مايترا مستشارة بحوث في الأرشيف الوطني التي تحدثت عن (نهج زايد في بناء الأمة وتمكين الإنسان)؛ قائلة: لقد أسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه- دولة الإمارات العربية المتحدة واضعا نصب أعينه بناء دولة تنعم بالرخاء والعيش الكريم مع الحفاظ على القيم الإسلامية. وأضافت: استطاع المغفور له تجاوز الصعاب والتحديات التي كان حلها أشبه بالمستحيل وشق طريقه نحو بناء دولة ومجتمع مستدام قائم على تمكين الإنسان ويسوده الأمن والعدل والسلام والتسامح. وتجدر الإشارة إلى أن المحاضرين أثروا جلساتهم بالصور والوثائق التاريخية، وبأقوال حكيم العرب رحمه الله.